‏إظهار الرسائل ذات التسميات دردشة مطور. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دردشة مطور. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 21 يوليو 2016

دردشة: القصة في الألعاب قد لا تكون مهمة في معظمها.



قبل أن أبدأ أحب أن أوضح أنني أعشق القصص في الألعاب وكثيراً ما لعبت ألعاب لم تعجبني فقط لأجل قصتها. القصة عنصر قوي ومهم وهناك ألعاب كاملة ليس فيها شيء سوى القصة. ما سأتحدث عنه لا يتعارض مع ذلك.
-----------
أتابع مجلة FG العربية منذ مدة، المجلة تعجبني كثيراً وأحب أن أحيي فريق العمل لأن المجلة تظهر بمظهر جميل وتذكرني بمجلات الألعاب المطبوعة التي كنا نحبها ونتابعها أيام البلايستيشن 1. ولكن للأسف ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها مقال بمستوى لا يليق بمجلة احترافية كهذه. هناك بعض الأمور الفلسفية التي يمكن أن يختلف عليها وتكون محل نقاش، لكن المعلومات الصريحة إما أن تحتمل الخطأ أو الصواب، ومن الغريب أن تمر على فريق العمل وتنشر دون تدقيق. أن نجد مثل هذه الأخطاء في مدونة شخصية أمر يمكن تقبله كون المقال يراجع من قبل الكاتب فقط، أما من فريق نشر فهذا غريب، ربما لأن المقال لهجته فلسفية وليست علمية، ولذلك مرت بعض العبارات المغلوطة علمياً ضمن مقال معظمه فلسفي ولم ينتبه لها أحد.

وأتحدث بالتحديد هنا عن مقال بعنوان "هل القصة مهمة في الألعاب كما في الأفلام؟" (المقال قصير يمكنك قراءته بسرعة) والذي بدأ بداية موفقة بالحديث عن ازدياد أهمية القصة في الألعاب، وطرق السرد القصصي، كنت أقرأ بدون مشاكل إلى أن ارتطمت بعبارة "اليوم جميع الألعاب ذات التكلفة المرتفعة تحتوي قصة بشكل أساسي" وهي كما أراها عبارة جريئة جداً وتحتاج لدعم بإحصائيات لتثبتها. ماذا عن لعبة بتكلفة عالية مثل Civilization والتي لا تحتوي أي قصة؟ طبعاً في البداية كلمة "ذات التكلفة المرتفعة" ظننته يعني بها كل الألعاب التي تنتجها شركات كبيرة ولكنه سرعان ما صحح العبارة قليلاً بقوله: "وفي الألعاب الرياضية والألعاب الجماعية وغيرها من الأنواع التي لا تقدم قصص خاصة بها، نجد أن اللاعبين غالباً لا يطالبون بقصة قوية فيها"

لكن هذا التصحيح لم ينفي العبارة الأولى تماماً فهي لا تزال معلومة تحتاج لإثبات. هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإني أجد هذه الجملة غريبة للغاية. فما معنى القول بأن اللاعبين لا يطالبون "بقصة قوية" في الألعاب التي ليس فيها قصة؟ وكأنه يقول الألعاب التي تعتمد على قصة فإن القصة فيها مهمة، والألعاب التي ليس فيها قصة فإن القصة فيها غير مهمة!

ليس هذا فحسب؛ فكلمة قوية في عبارة "يطالبون بقصة قوية" تعطي إيحاء بأن  اللاعب دائماً يطلب قصة لكن في بعض أنواع الألعاب تكفي القصة الضعيفة وهذا ليس صحيحاً بالمطلق في بعض الألعاب مثل الرياضية والتي ربما لا أحد يطالب فيها بقصة سواءً قوية أو ضعيفة.

العبارة إذاً بعيدة عن الصحة؛ حتى لو خرجنا من منظور الألعاب الرياضية والجماعية(بالرغم أن هناك ألعاب جماعية كثيرة فيها قصة مثل Border Lands ولا أعلم ماذا قصد بالجماعية لكن بغض النظر) فماذا عن ألعاب تكلفتها كبيرة جداً وسلاسل معروفة مثل Civilization,Generals, Crusader kings, The Sims, Sim City, Left 4 Dead, Counter-Strike, Dota 2 إلخ والقائمة تطول (بعض هذه الألعاب لها عالم ولكن ليس لها قصة ويجب عدم الخلط، فالعالم مجرد قوانين وشخصيات وأماكن وبعض الأحداث المتفرقة هنا وهناك ولكن لا يوجد أي نوع من السرد القصصي)
ثم إن كلمة "بشكل أساسي" تثير مغالطة أخرى، فهناك مجموعة كبيرة من الألعاب التي فيها قصة ولكنها شيء ثانوي تماماً مثل Call of Duty, Need for Speed, Down of War وغيرها كثير، هذه الألعاب لا تعتمد على القصة نهائياً وهي فقط موجودة كنوع من التسويق كما في Call of Duty والتي تشير إحصائية حولها أن معظم اللاعبين لا يلعبون نمط القصة. أو كنوع من إضافة نكهة للعبة كما في Need 4 Speed أو لتعليم اللعبة كون مراحل اللعبة تعتبر تدريب عليها أو Tutorial ومن غير المقبول وجود Tutorial يستغرق عدد كبير من الساعات لذلك يتم وضعه ضمن قصة غالباً لا تقدم ولا تأخر في ماهية اللعبة.

وزاد الطين بلة عبارة "وحتى ألعاب الإندي غالباً ما تقدم قصة"، والتي هي ببساطة غير صحيحة. بنفس الطريقة جزء كبير منها وإن قدم قصة فهي أمر ثانوي أو مود إضافي فقط لتعليم اللعبة، وهناك عدد ضخم من الألعاب الناجحة ليس فيها قصة على الإطلاق مثل Goat Simulator, shower with your dad simulator, Surgeon Simulator, Democracy 3, Hand of Fate, Luftrausers, Risk of Rain, Spelunky,Prison Architect,Super Meat Boy, Garry's Mode, Dust Force, Cook Serve Delicious, Terraria وهذه الألعاب على سبيل المثال لا الحصر؛ وهناك قائمة أخرى لألعاب لم تنجح لا داعي لذكرها.

وأكبر لعبة مستقلة طبعاً Mine Craft ليس فيها قصة أيضاً. وإن كنت ستخبرني أن Super Meat Boy و Spelunky بها قصة سأجيبك حاول أن تحكيها لولد صغير قبل النوم، ستجد أنه لن يعتبر جملة "قطعة لحم اختطفت حبيبته فتاة اللاصق الطبي ثم وجدها" قصة.

قد أستطيع القول بسهولة أن معظم اللاعبين لا يهتمون بالقصة، شخصياً أعشق الألعاب القصصية ولو نظرت لقائمة أفضل 10 ألعاب لدي لوجدت نصفها فيها قصص لكن الواقع يقول أن القصة أحد الجماليات التسعة الموجودة في الألعاب و ثمانية من تسعة من اللاعبين قد لا يعيرونها اهتمام أصلاً، وهذا ألاحظه أولاً في أصدقائي وفي المجتمع عموماً. 
النسبة الأكبر من اللاعبين العرب يلعبون FIFA و LOL وكذلك COD وهناك جزء كبير يلعب ألعاب الجوال الخالية من القصص تماماً مثل Angry Birds, Candy Crush, Pokemon Go هناك فئة خاصة تعشق الألعاب القصصية وتهتم بها وأنا منهم لكن التعميم بهذا الشكل خاطئ تماماً.

بل إنني سأذهب لأبعد من ذلك وأقول أنه حتى في الأفلام القصة ليست الأساس في كل الأفلام!(معظمها وليس كلها) هناك أفلام تعتمد على التصوير والقصة فيها مجرد أمر ثانوي تماماً، أو أنها غير موجودة البتة. مجرد تصوير لأحداث متتابعة لا يمكن حكايتها حتى كقصة قصيرة قبل النوم، مثل فيلم Gravity والذي هو فقط تصوير لمعاناة الحركة في الفضاء. أو فلم Before Sunset والذي هو تصوير للقاء واحد والمتعة تكمن في الحوارات. كثير من أفلام الأكشن والكوميديا لا وجود للقصة فيها بالمعنى الأدبي؛ القصة فيها فقط غلاف للمحتوى والذي هو الحركات أو النكات، وستجد نفسك نسيت القصة بعد بضعة أيام ربما من مشاهدة الفلم ولكنك ستتذكر النكات والحركات المميزة التي حدثت في الفيلم. بالطبع معظمها يعتمد على القصة، ونسبة الأفلام التي تعتمد على القصة أكبر بكثير من الألعاب؛ لكن فقط أحببت التوضيح.

في النهاية يغفر للمقال ذكره في النهاية أن موضوع أهمية القصة يعود لذائقة اللاعب. الهدف هنا ليس نقد المقال بقدر ما هو رغبة في الحديث عن أفكار أثارها المقال في ذهني وأردت الحديث عنها. الانتقاد فقط للعبارات التي أراها ستعطي معلومة خاطئة خاصة لشخص جديد في المجال. وتصوير القصة وكأنها تمثل الجزء الأكبر من الألعاب وأن الألعاب الأخرى تمثل أقلية.

الأربعاء، 29 يونيو 2016

مالذي يجعل اللعبة العربية عربية؟

قبل بضعة أيام قرأت هذه التغريدتين على تويتر:



 أثارني موضوع التغريدة بشكل كبير، وجعلتني أفكر طويلاً، وكنت أريد أن أعطي رأيي لكني وجدت أن الموضوع ليس بسيطاً بالمرة، مالذي يجعل الشيء عربياً؟ قد يقول البعض اللغة العربية، هذا مفروغ منه وليس هذا المقصود. عندما كتبت أول مقال على زاش بعنوان العربية في الألعاب: اللغة أم الثقافة. تحدثت بشكل عام عن تأثر الألعاب بالثقافة، وكيف أن الثقافة هي ما يصنع الفرق وليس المفردات اللغوية، وذكرت أمثلة من رأسي لم تكن لتشفي غليلي لألعاب بثقافة عربية في نهاية المقال. فالثقافة ليست مجرد فن، الثقافة خليط من الفن، والعادات، والمعتقدات، والأخلاق، والقيم. نعم من السهل صناعة ألعاب عربية وبها موسيقى وفنون عربية وزخارف أندلسية. الركاز مثلاً حققت هذا الأمر لكن طريقة اللعب لم تكن عربية، البطل فارس "هوليوودي" بامتياز؛ طريقته في إلقاء النكات وطريقته في الكلام نجد الكثير مثلها في السيناما الأمريكية -وقد ذكرت ذلك في مراجعتي للعبة-. الحجاب، واللباس المغربي، والأسواق الشعبية كانت تعبر قليلاً عن الثقافة العربية لكن طريقة اللعب لم تعبر كثيراً عن "ثقافتنا"

كيف تؤثر الثقافة في طريقة اللعب؟ مفهوم يصعب شرحه وللأسف لست أفضل من يجيب عليه، وربما سأحاول مناقشته يوماً ما. لكن دعني أستشهد بفيديو خرافة السلاح الناري. والذي تحدث فيه فريق إكسترا كريديتز حول تأثير الثقافة الأمريكية على الألعاب، وكيف ارتبط مفهوم "الحرية الشخصية" بإنتاج ألعاب كثيرة لمقاتل يحمل سلاحاً نارياً -والحرية الشخصية أهم المفاهيم الأمريكية في نظري مما ذكر عبد الله في التغريدة-. بينما في المقابل في الألعاب اليابانية لم يكن للسلاح الناري نفس المفهوم إن وجد، وحتى لا أعيد نفس الكلام في الفيديو أترك القارئ لمشاهدته إن رغب.

الذي ذكره عبد الله حامد في التغريدة، معظمه من ضمن "القيم": الحرية - الرأس مالية - السعي وراء السعادة هي مجموعة من القيم لدى الشعب الأمريكي. أما التمرد على السلطة عادة يكون نتيجة لقيمة الحرية الشخصية، وهو بكل تأكيد أكثر الشعوب تعظيماً لهذه القيم (هذا لا ينفي وجود شعوب أخرى تقدر هذه القيم ولكن بنسب أقل، على سبيل المثال في معظم أوروبا نجد فكر الشعب فكر اشتراكي مقارنة بالأمريكي لكنه رأس مالي مقارنة ببعض الدول العربية)

إذاً مالذي يجعل الشيء العربي عربياً؟
 قبل الإجابة على السؤال يجب توضيح بعض الملابسات والتي هي غاية في الحساسية. حيث أنه في الحالة الأمريكية كان من السهل الإجابة عليه (على الأقل من وجة نظر عبد الله) كونها دولة حديثة أولاً، فكونها حديثة المنشأ جعل من السهل حصر بعض القيم التي ساهمت في تكوين هذه الدولة بالصورة الحالية. ثانياً؛ كلمة "عربية" هي لغة وليست دولة، ويسهل الإجابة على السؤال لدولة واحدة لها شعب واحد يشارك قيم واحدة نظراً لأن تاريخهم واحد.
 لذلك يجب أن أمر على ثلاث نقاط وسأحاول أن لا أغوص طويلاً في موضوع متشابك كهذا:

1. انتشار "العروبة" وانحسارها

من السهل الحديث عن الثقافة الاسكتلندية أو اليابانية لأن أبناء متحدثو هذه اللغة معظمهم أبناء دولة واحدة، ولكن من الصعب الحديث عن الثقافة الإنجليزية كونها لغة يتحدث بها عدد من الدول مثل بريطانيا، وأستراليا وأمريكا، وكندا وكل منهم لديه ثقافة مختلفة لأنهم من دول مختلفة.

 إن عدنا للتاريخ لوجدنا أن معظم الدول العربية، ليست عربية بالأصل، العرب كعرق كانو يتركزون في جزيرة العرب بشكل أساسي، وكان هناك نسبة جيدة منهم أيضاً في الشام والعراق، هذا قبل الإسلام. مع الفتوحات الإسلامية اعتنق الكثير من دول شمال إفريقيا الإسلام، ونتيجة لاحتكاكهم المباشر مع العرب والرغبة في تعلم القرآن الكريم، أصبح الكثير يتحدث اللغة العربية مع مرور السنوات. وفي ذلك الوقت طرح نفس السؤال الذي هو لب الموضوع الذي أتحدث عنه: مالذي يجعل العربي عربياً؟ وكان المقصود الشخص، أما أنا فأتحدث عن مفهوم يشمل الشخص والفن. في ذلك الوقت أجاب علماء الشريعة بأن كل من يتحدث اللغة العربية هو عربي، وبذلك تم إلغاء مفهوم العرب كعرق وأصبح العربي هو أي شخص يتحدث اللغة، وخاصة بعد مجيء الخلافة العباسية والتي كانت بعكس الخلافة الأموية ليس لديها أي تعصب للعرب وللغة العربية.

ليس هذا فحسب، عندما جاء الاستعمار أصاب جميع الدول العربية تقريباً -باستثناء المملكة العربية السعودية ومناطق قليلة أخرى لم تستعمر- ولاء ثقافي للمستعمر حتى بعد أن خرج المستعمر منها، وخاصة الدول التي أطال الاستعمار بقاءه فيها مثل الجزائر، وواضح ولاءهم الثقافي لفرنسا حتى في أبسط الأمور مثل الطعام واللباس. في سوريا مثلاً فكر الشعب اشتراكي (حتى الأشخاص الذين سيقولون لك أنهم يكرهون الاشتراكية؛ كشخص سوري أضمن لك أنك لو ناقشت الكثير في مفاهيم الرأس مالية ستجدها غير موجودة أصلاً، حتى أبسط الأمور مثل فكرة أن الشركات هي من تؤسس البنية التحتية في أمريكا، كالهاتف والطرق ستثير الاستغراب لدى البعض، وكثير من المسؤوليات هي على عاتق الدولة وكأنها مسلمات)

لذلك نجد بعض العادات المشتركة بين أهالي الشام والعراق والسعودية أكثر من الدول الأخرى، مثل استضافة المسافر 3 أيام قبل سؤاله حاجته أو طلب المزيد من القهوة عن طريق هز الفنجان، وإن كان ربما بعض هذه العادات انتقل لدول عربية أخرى لست بصدد تقصيها الآن، ولكن العادات المشتركة بين هذه الدول أكثر من غيرها، كون العرق العربي الأصلي يتركز أكثر في هذه المناطق. أما الاختلافات فهو بسبب أنظمة الحكم المختلفة والولاء الثقافي لدول خارجية.

هذا التقسيم وهذه الاختلافات التي أدت لوجود اختلاف ثقافي جذري، جعل من السهل أن أقول مالذي يجعل السوري سورياً، ولكن من الصعب أن أجيب على مالذي يجعل العربي عربياً. مثلاً أحد علامات الثقافة السورية هو الاكتراث السياسي، إذا قارنتها بدولة أخرى مثل السعودية (كوني أعرف الكثير عن الثقافتين) أجد أن الاكتراث السياسي في الثقافة السعودية يكاد لا يكون موجوداً. حتى عند الحديث في السياسة غالباً يتم الحديث عن قضايا داخلية فقط وتهم المجتمع، مثل الفساد، والتطوير، وحقوق المرأة. ومن النادر أن تجد الدراما السعودية تتحدث عن قضايا سياسية، بينما في الدراما السورية نجد ذكر القضية الفلسطينية وسجن جوانتانامو، وغزو العراق، وإجرام أمريكا. وفي المسرح السوري نجد تلميحات لهيمنة الطائفة العلوية على النظام، بل معظم الأعمال المسرحية السورية ربما تحت إطار "المسرح السياسي"، لا أذكر أنني شاهدت مسرحية سورية لا تتحدث عن السياسة وهذا الأمر منذ الثمانينات وليس جديداً. حتى في اليوتيوب نجد البرامج الساخرة السعودية عادة لقضايا داخلية، بينما البرامج الساخرة السورية تتحدث عادةً عن الدول والمؤامرات والثورات، حتى أنه مؤخراً تم انتقاد أحد البرامج التلفزيونية التي صورت اللاجئ السوري (وإن كان هذا لخدمة قضيتهم) ولكن البرنامج لم يتحدث عن الجلاد (أي النظام السوري) وهذا الأمر -في الثقافة السورية- غير مفهوم ويعتبر تورية للحقيقة! إذ لا يمكن الحديث عن قضية دون الحديث -عادةً- عن تبعياتها السياسية.

الأمثلة لا حصر لها، وما أريد قوله هو أن هناك اختلافات جذرية بين الثقافات العربية حتى المتقارب منها.

2. هل ثقافتنا قديمة؟

عندما نتخيل لعبة عربية عادة ما نتخيل شيء من التراث القديم؛ ركوب الخيل وسباق الإبل، الخيام والسيوف، أو حضارة الأندلس والخلافة الأموية والعباسية، وإن اقتربنا سنصل للبادية التي كانت موجودة قبل خمسين إلى مئة عام. إلا أن هذا لا يعني أن ثقافتنا قديمة، فلا يوجد شعب ليس له ثقافة وبالتأكيد نحن لا نعيش في ذلك الوقت، إذاً لماذا نربط ثقافتنا الحالية دائماً بذلك الزمان؟ من وجهة نظري هناك تفسيرين لذلك:

أولاً: بالنظر إلى النقطة التي ذكرتها آنفاً عن انتشار العروبة، فربما نحن لم نجد أشياء مشتركة بين العرب إلا الأشياء القديمة التي كانت مختصة بالعرق العربي قبل أن تختلط مجموعة من الأعراق المختلفة ويطلق عليها اسم عربي. أما حالياً وخاصة بعد الاستعمار ووجود أنظمة حكم مختلفة جذرياً فربما نحن فعلياً نعيش ثقافات مختلفة بل حتى اللغة لم تعد لغة واحدة وأصبح من الصعب أن نفهم حديث بعضنا بعضاً.

ثانياً: الإنتاج الفني الضعيف لدينا، نتيجة الأنظمة القمعية والرديئة التي نعيشها (وهو موضوع يطول نقاشه ولكن لتقريب الصورة: إذا نظرنا لهرم الاحتياجات البشرية نجد أن الكثير من العرب يعاني لتحقيق أول درجتين من الهرم، الطعام ثم الأمان الوظيفي والجسدي، أما الطبقة الثالثة والاستقرار العائلي فهو حلم لدى الكثير،وقد ينفق نصف عمره لتحقيقه، ولذلك في الفترة الحالية نجد الكثير من المبدعين من الدول التي تحقق مستوى معيشي جيد مثل دول الخليج، فلديهم إنتاج نلمسه في اليوتيوب مثلاً أكثر من بقية الدول العربية، لأن أدمغتهم مرتاحة وحققت الطبقات الأولى من الهرم ووصلت لمرحلة الإبداع)



لكن حتى في دول الخليج الإبداع كان إبداع في مجالات عديدة، لكن المستوى الفني لا يزال ضعيف، فهناك هيمنة قوية على الإعلام، وهو موجه لبث أفكار معينة في المجتمع، مما ينتج عنه فن غير صادق ولا يلهم أحداً، أو بروباجاندا ولا يعبر عن ثقافة المجتمع، فهو يحاول دائماً تغيير الثقافة وليس تمثيلها، لو نظرنا في الدراما المحلية لوجدنا أن معظم المسلسلات تعرض شخصيات غير شائعة في المجتمع، وعندما يناقش الكاتب قضية تهم المجتمع فهو يناقشها كموضوع وليس كشعور وبدون رغبة لأن يعبر عما يدور في خلده. ربما هدفه هو بث أفكار يؤمن بها أو طرح موضوع يثير النقاشات والجدل ليزيد عدد المشاهدين. أضف لذلك العولمة والتي لها دور كبير في طمس الهوية العربية، والمشكلة طبعاً ليست في العولمة بل بضعف الإنتاج الفني والذي يجعل الناس تعزف عن متابعة الفن المحلي. فمثلاً بالرغم من العولمة الثقافة اليابانية متميزة عن الثقافة الأمريكية لأن الإنتاج الفني لديهم صادق ويغذي بعضه بعضاً. أما الفن العربي يحتاج تغذية من مصادر أخرى خارجية لأن معظمه لا يلهم أحداً! ويزداد هذا الأمر في الألعاب خاصة، لأنه يكاد يخلو من الذكر أي نوع من الإنتاج الفني العربي للألعاب، ولذلك عندما نقوم بتصميم ألعاب من الطبيعي أن نستلهم من ألعاب بثقافة غير عربية، لأنها ببساطة غير موجودة.

3. إسلامية أم عربية؟

من المهم جداً أن لا نغفل عن هذه الحقيقة، وهي أنه ليس لدينا مخزون ثقافي كبير قبل الحضارة الإسلامية، العرب لم يكن لديهم الكثير قبل الإسلام، كان معظم العرب مجرد قبائل متناحرة تغزوا بعضها بعضاً للاستيلاء على قطعان الغنم والإبل. ما لديهم من تراث نقل معظمه إلينا عن طريق الشعر، أما باقي مظاهر الفن فكانت قليلة ومنحصرة في أماكن قليلة متحضرة، مثل مدائن صالح على سبيل المثال. قد يحاول البعض نفي علاقة الدين بالفن ولكن هذا ليس إلا سذاجة وجهل بالتاريخ، في الحقيقة الفن له ارتباط وثيق بالدين في معظم الأزمنة، فجلّ ما نعرفه عن الحضارة الفرعونية مرتبط بدينهم، سواء كانت رسوماتهم أو تماثيلهم أو مبانيهم. الأدب الإسلامي يختلف عن الأدب العربي الجاهلي حتى في الأمر الذي تفوق فيه العرب: الشعر. ثم كان هناك اهتمام كبير بالخط العربي، والزخارف التي لا نزال نراها إلى اليوم. ثم انتشر مجموعة أخرى كبيرة من الفنون في شتى المجالات في عصور رخاء الدول الإسلامية.

حتى الروايات التي تصنف ضمن الأدب الإسلامي، قرأت منها بعض روايات نجيب الكيلاني، هي ليست في الحقيقة دعوة إلى الإسلام أو عرض لمفاهيمه، هي مجرد روايات عادية ولكنها بأفق إسلامي، وتتحدث بصدق عن قصص لا تحدث إلا في مجتمع إسلامي. البعض يتخيل أن الأدب الإسلامي هو فقط التغني بالإسلام، لكن في روايات نجيب الكيلاني وجدت أنه أحياناً يتحدث عن مجرمين أو عادات سيئة لدينا، لكن طريقة العرض والمفاهيم التي ذكرت قد لا يفهمها إلا المسلمين. كمثال طرأ على رأسي: إن طلق الشخص زوجته ثلاث مرات ورغب بالعودة لها لكنه لا يستطيع، قد لا يفهم غير المسلم لم هو "لا يستطيع". عموماً إذا كنت تريد صورة أوضح للفرق بين الأفق الإسلامي والموضوع الإسلامي فإن دكتور مختص بالأدب سيشرحه أفضل مني بكثير.

في الثقافات الأخرى مثلاً يمكن تأليف قصص خيالية عن آلهة، ,وكثيراً ما نجد ذلك في الألعاب، ففي لعبة Dungeons of Dredmor يوجد "إله المهمات"، لا أريد القول أن هذا الأمر ليس مقبولاً في ثقافتنا فحسب، إلا أنه عادة مفهوم الإله لدينا مرتبط بالتوحيد أولاً؛ وثانياً فإن كلمة إله في أذهاننا تعني شيء عظيم حكيم قادر على كل شيء، ومفهوم الإله الضعيف أو المحدود بوظيفة معينة غير موجود لدينا وإن وجد فهو مستمد من ثقافة غربية. الإله في ثقافة الغرب ممكن أن يكون له خاصية واحدة لكنه متميز فيها حتى لو كان إله اللعب. هذه الثقافة مستمدة منذ القدم من قصص الإغريق، والتي كانت تمثل في المسارح الإغريقية ومن ثم أصبحت معتقدات. فحتى لو أن شخصاً أراد التجرؤ على الخالق سيبقى مفهوم التوحيد موجوداً إلا إن استمد فكرة تعدد الآلهة من ثقافة الغرب.

لو بحثنا المفارقات التي حدثت على ثقافة العرب والمنطقة بسبب الدين الإسلامي لطال الحديث، وأعتقد أن هناك كتب كاملة تتحدث حول هذا الموضوع، باختصار ما أريد أن أرمي إليه هو أن كثير من مفاهيمنا ورؤيتنا للحياة وفنوننا مرتبطة بشكل كبير بالثقافة الإسلامية، أكثر من ارتباطها بتاريخنا العربي، حيث أن لب الحضارة في المنطقة العربية كان تحت ظل الحكم الإسلامي، ولا يوجد في المنطقة حضارة عظيمة يمكن أن تقارن بحضارة روما إلا الحضارة الإسلامية. (سيختلف معي البعض في إشارة للفراعنة لكنني لا أعتبرها بحجم الحضارة الرومانية)

الكثير من الدول الأخرى لها تاريخ مرتبط بالعرق، الإنجليز والهنود والصينيون، أما نحن فلو حاولنا الحديث عن تاريخنا وتراثنا العربي بغض النظر عن قضيتنا الإسلامية لعلنا لم نستطع ذلك إلا بالعودة لماض غير حضاري أو ممالك متحضرة لكنها صغيرة وليس لديها إنجازات كبيرة. التراث الإسلامي مرتبط ارتباط وثيق بهويتنا وطريقة تفكيرنا ولعل هذا أبرز ما يسبب صعوبة أن نسأل سؤالاً مثل مالذي يجعل الشيء عربياً.

خلاصة: مالذي يجعل الشيء العربي عربياً؟

لما تقدم؛ من الصعب حصر الأشياء في الثقافة العربية بدون النظر للنقاط التي ذكرتها، ولكن هذه بعض الأمور التي نشاركها في المنطقة، وأذكّر أن هذه قد لا تكون نظرتي الشخصية للأمور لكن أشعر أنها "ثقافة المنطقة":

1- التوحيد؛ أو على الأقل النظرة اللا مادية للحياة.
2- الكرم. الكرم بمفهومه العربي مختلف تماماً عن الثقافات الأخرى. حتى الثقافات الإسلامية الشرقية مثلاً.
3- الروابط الأسرية القوية. وهي في الحقيقة شيء لابد من وجوده في معظم الروايات والشعر العربي. أمر شبه مفقود في الأفلام الأمريكية، بل على العكس في رواية مثل the secret garden تجد تصوير لضعف الروابط الأسرية مع أن الرواية تتحدث عن أسرة راقية (لكن بالمقارنة لدينا تجد أنها مفككة) فمثلاً وضع الأب أو الأم في دار للعجزة يعتبر عمل عادي أو جيد لدى الغرب ويعتبر من العقوق لدينا (لست هنا لأحكم لأن كل حالة يجب أن تؤخذ على حده، لكن هذه النظرة العامة) وكذلك قل ما تجد لدينا أشخاص مشردين، إذ لا يمكن للأخ - أو حتى ابن العم عادة- أن يترك أخاه ينام في الشارع حتى لو بيته من غرفة واحدة.
4- الغيرة على المحارم (صحيح أن CJ في لعبة GTA دفن شخصاً حياً لأنه تحرش بأخته، لكن بالتأكيد النظرة العامة لدينا مختلفة تماماً)
5- تقديس السلطة (والخوف منها؟): في معظم الدول العربية، للسلطة هيبة كبيرة، والناس تحب هذه الهيبة(حتى معارض السلطة يريد سلطة أخرى ولكن لها هيبة) من غير المقبول أن يخرج الرئيس بقميص غير رسمي وأن يقدم محاضرة كوميدية كالتي يمكن أن يقدمها رئيس أمريكي، هذا الأمر بشكل عام ينقص من احترام الرئيس ولا يزيد في احترامه.

السبت، 30 أبريل 2016

دردشة مطور: رأيي وتوقعاتي بألعاب سيمافور القادمة

ألعاب سيمافور القادمة لا تبدو فقط أنها تقدمت على المستوى التقني - فهذا جلي تماماً - ولكنها أيضاً تقدمت على المستوى الإبداعي في نظري، طبعاً هناك بعض المعلومات التي لم أكن أعرفها إلا بعد أن شاهدت المقابلة التي أجراها فريق ألعاب (وأنصح بمشاهدتها لو كان عندك اهتمام بالموضوع فهي مقابلة جداً جميلة). فقد ذكر أحمد جاد الله في المقابلة أنه بسبب لعبة الركاز أراد عدد من المطورين لألعاب عالمية العمل معهم. ولا أرى أي ضير في الاستفادة من خبرات الفرق العالمية؛ بل على العكس هذا هو الصحيح، الاستفادة من الخبرات ومحاولة البدء من حيث انتهى الآخرين هو المبدأ السليم الذي ينبغي العمل به. وسأتحدث عن رأيي بكل لعبة على حده.

 بادية


 أستطيع القول بكل ثقة أن لعبة بادية ستحقق نجاح أكبر بكثير من لعبة الركاز فقط من ناحية واحدة، وهي اللعب بثقافة عربية خالصة، وكان ذلك واضح بالنسبة لي من فيديوهات اللعبة، مثل ملابس البدو والضب واستخدام الصقر في الصيد، وصيد اللؤلؤ بدون معدات الغواص بالطريقة الجميلة التي نعرفها. فلعبة الركاز كانت المغرب فيها بطابع مغربي خالص، لكن طريقة اللعب لا تعبر عن ثقافتنا بشكل مناسب -وهو موضوع يطول الحديث عنه- ولكن في لعبة بادية حتى طريقة اللعب هي أشياء كانت موجودة في منطقتنا مثل استخدام الصقر في الصيد وغيره. لكن في الحقيقة لم أعلق الكثير من الآمال على هذه اللعبة، أشعر بأنها تستوحي الكثير من طريقة اللعب الموجودة في ألعاب شركة يوبي سوفت، ومع أنها ألعاب ناجحة لكن من وجهة نظر شخصية وجدت أن التركيز كان على الجانب اللذي لا يعجبني في ألعاب يوبي سوفت، وهو الألعاب الصغيرة أو (mini-games). والتي في الحقيقة أثرت بشكل سيء على ألعاب يوبي سوفت من وجهة نظري، ومنعتني من أن أعيش التجربة. بالإضافة لذلك؛ صحيح أن اللعبة أبهرتني من حيث العالم المرسوم بشكل متناسق وجذاب جداّ، لكن هذا حدث كذلك في لعبة الركاز عندما رأينا الإعلانات الترويجية لها، وما أتخوف منه أن تكون مجرد عالم جميل لكن بدون أي عمق؛ فأنا لا أنكر جمال عالم الركاز وقد كتبت سابقاً عن تجربتي لها وأنني استمتعت بالتجربة، لكن كان الجزء الأكبر من استمتاعي باللعبة هو الحوارات المتقنة والمضحكة في اللعبة، والتي لا أظن أنها ستكون موجودة في لعبة بادية لأنها لا تعتمد على قصة كما في الركاز، هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى لا أعتقد أنهم حسنوا من طريقة اللعب كثيراً، وستكون طريقة اللعب سطحية كما ذكرت عندما تحدثت عن الركاز.


 فإطلاق النار كما يبدو في اللعبة سيكون مملاً وستتفوق عليه ألعاب قديمة جداً مثل Serious Sam. وأتمنى أن أتفاجأ وأن أكون مخطئاً. لكن من حيث المبيعات كتحليل شخصي فإن اللعبة ستحقق مبيعات أكثر من الألعاب الأخرى كونها لعبة مفتوحة وكونها بثقافة عربية كبيرة وبرسوم جيدة، وهذا ما سيساعدها في الانتشار وخاصة في الإعلام الغربي، وكذلك هذا النوع من الألعاب مناسب جداً لكثير من لاعبي المنصات (Console) وكثير منهم يفضل الاستكشاف والألعاب التي تساعد على الاسترخاء على الألعاب التي تحتاج لمهارات حقيقية. كخلاصة أتوقع لها مبيعات تتفوق على الركاز، لكنها لن تكون اللعبة التي نطمح لها أن تمثل ألعاب المنطقة، وستكون ردود الفعل مختلطة بين معجب وبين كاره كما حدث مع الركاز.

وإن كانت بالطبع خطوة كبيرة جداً في الاتجاه الصحيح، وإن استمروا بأخذ خطوات كبيرة بهذا الاتجاه فسيحققون نجاحاً كبيراً في السنوات القادمة بإذن الله.

 فوق الطبيعي



 هذه اللعبة مثيرة للاهتمام من أكثر من ناحية، أولاً فهي لعبة الاستديو الأولى التي ليست بطابع عربي أو إسلامي، وأريد أن أرى مالمميز الذي يمكنهم تقديمه بدون أن يكون المميز هو الثقافة العربية أو الإسلامية. وثانياً هي فكرة اللعبة الأساسية؛ وهي العودة بالزمن لكشف الحقائق التي حدثت في هذا المكان، وكذلك فكرة كون اللاعب مريض بالربو، ويحتاج للبخاخ. أنا أعترف أن الأفكار المميزة تثيرني أكثر من التقنية والرسوم، ولكن في الحقيقة ليس عندي توقعات واضحة بالنسبة لهذه اللعبة، بصورة عامة لدي رغبة شديدة بتجربة اللعبة، ولكن روعة اللعبة مرتبطة تماماً بالقصة أي بالكاتب، إن كان الكاتب ممتاز ستكون اللعبة ممتازة، إن كان الكاتب متوسطاً ستكون اللعبة متوسطة، هذه الألعاب تحديداً صعب أن تحكم على التجربة قبل أن تنهي نصفها. لكنها لعبة واعدة في الحقيقة، وخاصة أن استديو سيمافور (بالحكم فقط من لعبة الركاز) له قدرة أكبر بكثير على خلق عوالم مميزة من قدرتهم على صناعة طريقة لعب (Game Play). ولذلك أتوقع لهذه اللعبة أن تكون ممتعة بحق، لأنها تعتمد على البيئة والأجواء، وهي نقطة القوة التي لمستها في الاستديو، وأتمنى أن تكتمل بكاتب يكتب قصة مثيرة، عندها ستكون لعبة ممتازة!

 خارج التغطية

 هذه اللعبة تحديداً وكتحليل شخصي أتوقع أن تكون اللعبة الأكثر متعة بالنسبة لجمهورها، وهناك عدة أسباب لذلك؛ أحدها هو كون اللعبة حجمها صغير من حيث التكلفة، وكذلك كون اللعبة تعتمد على هذا النوع من الألغاز والذي له جمهوره الذي يطلب هذا النوع من الألعاب ولا يجدها، لكن السبب الرئيسي والأهم هو اعتراف الأخ أحمد جاد الله أنه يعشق هذا النوع من الألعاب وهو السبب الذي جعله يدخل صناعة الألعاب، لذلك أتوقع أن يكون هناك الكثير من الألغاز التي صنعت بشغف. للأسف لست من عشاق هذا النوع من الألعاب ولم ألعبه في التسعينات، كنت أجربه وأتركه وأعتقد السبب هو جهلي التام باللغة الإنجليزية في تلك الفترة عندما كنت في المرحلة الابتدائية، وأتمنى أن أستطيع عبر هذه اللعبة تذوق جمال هذا النوع من الألعاب الذي فاتني وأنا صغير، والذي لازلت أرى له عشاق حتى يومنا الحالي وهم مخلصون جداً لهذا النوع من الألعاب.

 من حيث المبيعات، أتوقع أن تحصل على الحصة الأقل من المبيعات مع الأسف، حتى لو كانت فعلاً هي اللعبة الأكثر متعة بين الألعاب الأخرى، والسبب حجم الجمهور الصغير نسبياً مقارنة بالألعاب الأخرى، وكذلك بسبب أنها ثلاثية الأبعاد ولن تشعل التوق إلى الماضي في قلوب عشاق هذا النمط من الألعاب والذي كان برسوم ثنائية الأبعاد، وأعتقد جعل اللعبة ثلاثية الأبعاد كان قراراً خاطئاً من قبل الاستديو؛ على الأقل كأول لعبة لهم من هذا النمط.

 أمنيات أخيرة

 أتمنى أن تحتوي لعبة بادية على المزيد من العرض للتراث، مثل عرض القيم الجميلة الموجودة في تلك المنطقة (أو حتى القيم الغير جميلة)، ومثلاً وجود أصوات الأذان، وتوضيحات أكثر لطبيعة الحياة وصعوباتها وليس فقط عرض شكل الملابس والأماكن في تلك الفترة. وقد أعجبني وجود الشِّعر البدوي في العرض الترويجي.
 أيضاً أتمنى أن تحصل الألعاب على حصة كبيرة من المبيعات في السوق العالمي، وهذا سيدفع شركات تطوير الألعاب لتقديم دورات ودعم أكبر بكثير في المنطقة. وكذلك سينعكس الأمر إيجابياً على جرأة الاستثمار في الألعاب من المستثمر المحلي.
 وفي النهاية أتمنى - بغض النظر عن تخوفاتي وتوقعاتي الشخصية لفريق سيمافور- النجاح لهم، فهناك تحسن كبير وملموس في كل شيء، ظهر التحسن التقني في لعبة بادية وظهر التحسن الإبداعي في لعبة فوق الطبيعي. وظهر حس الألعاب المستقلة التي تحاول إحياء متعة اختفت مع جيل الألعاب الجديدة كما حصل مع نجاح لعبة Stardew Valley مثلاً من فترة قريبة.

 في النهاية أريد أن أذكر وأؤكد على أن هذه مجرد افتراضات وتحليلات وانطباعات شخصية، قد تصح وقد لا تصح.